دخلت والدتي المحاضرة بعدما وصلت بأعجوبة في الوقت المحدّد و أخذت مقعداً بجانب النافذة بعيداً عن باقي الطلاب لتنتبه جيداً، و بعد مدة ليست بطويلة دخل الأستاذ ليُلقي محاضرته المعتادة و مرّت كغيرها من المحاضرات، لكنها لاحظت وجود شخص غريب في فصلها يجلس بالقرب منها، كان يرتدي قميصا أبيض عادي ذو أكمام و كان جالساً كل الوقت بمفرده بعيداً عن باقي الطلاب مثلها، و الغريب أنه لم يكن لديه كتاب مدرسي ، و على الرغم من ذلك كان لا يزال يدون الملاحظات بإنتباه منذ بدأ الحصة، و عند إقترابها منه و سؤاله عن إخراج كتابه المدرسي قال لها ببساطة أنه لا يحتاجه.


في نهاية الدرس لاحظت أنه إرتجل من القاعة و لم يذهب لكي يقوم بتسجيل حضوره ، و قد افترضت أنه قد نسي ذلك، لذا قررت بعدها الذهاب إليه بسرعة و تنبيهه.


إنتهت من تسجيل حضورها في ثوانٍ و أسرعت إليه، نظرت من النافذة لتجده لا يزال في الحرم الجامعي لذلك أخذت أسرع طريق يؤدي للخارج و بعدما وصلت إليه أمسكت به من طرف قميصة قبل أن يستقلّ الحافلة و يذهب.


"المعذرة، و لكنّي أعتقد أنّك نسيت تسجيل حضورك، يمكنني الذهاب للحصول على وثيقة دخول لك إذا أردت" ، قالت له.


و لكنه أبقى ظهره مستديرًا ، لكنه بعدها أجابها بلطف : "لا تهتمي ، أنا لست طالبًا هنا، لقد أتيت لآخذ بعض الملاحظات ".


تنّهد و قد بدى على صوته الكآبة و الحزن ليُكمل كلامه :"لم يكن يجب أن أحضر من الأساس، لكن شكراً على لطفك".


أطلق صاحب الحافلة صوت البوق ليصعد إلى الداخل و يذهب، فأبعد يدها من قميصه ليكمل صعوده ، لكنها أمسكته مرة أخرى من معصمه و أوقفته لتُغلق باب الحافلة و ترحل ، لكنها تقدمت أمامه هذه المرة و نظرت في وجهه و قالت: "أنظر حتى لو لم تكن طالباً هنا ، فإن الدروس مهمة و لا تزال صعبة للغاية حتى مع وجود كتاب مدرسيّ ، و لابد أنّك تدرس في مدرسةٍ ما".


ثم أخرجت من حقيبتها نسخةً إضافية من الكتاب المدرسيّ و قالت:"لذا ربما يمكنك من الآن فصاعدًا استعارة نسختي الإضافية من الكتاب المدرسيّ! "


نظر إليها و قد بدت عليه ملامح الدهشة للحظات من تصرفها، و لم يُجبها بـ"نعم" أو "لا" ، لكنه إكتفى بالإبتسام و الرحيل رغم أن والدتي كانت قد أعطته الكتاب بالفعل.


خطى بضع خطوات ثم إستدار لها و قال: " شكراً على الكتاب و لكنني أخبرتك بالفعل أنني لا أحتاجه، أراكِ غداً إذا حدث و إلتقينا مجدداً".


ثم أكمل طريقه في الإتجاه المعاكس لوِجهتها، و قد تساءلت والدتي في قرارة نفسها عن لماذا هو غريبٌ هكذا.


2021/01/09 · 176 مشاهدة · 408 كلمة
THE EAGLE
نادي الروايات - 2024